القاضي أبو الحسن منذر بن سعيد البلوطي"، كان واسع العلم، غزير الفضل، قوي الجأش، لا تأخذه في نصرة الحق لومة لائم، ولد سنة خمس وستين ومائتين، وسمع من "عبيد الله بن يحيى" ونظرائه، ثم رحل حاجاً سنة ثمان وثلاثمائة، فالتقى بعدة أعلام من فحول العلماء، واشتهر فضله بالمشرق، وممن سمع عليه منذر بالمشرق ثم "بمكة محمد بن المنذر النيسابوري" أخذ عنه كتابه المؤلف في اختلاف العلماء المسمَّى "الإشراف"، وروى بمصر كتاب "العين" "للخليل" عن "أبي العباس بن ولاد"، وروى عن "أبي جعفر ابن النحاس"، قال القاضي منذر: أتيت وأبو جعفر ابن النحاس في مجلسه بمصر يملي في أخبار الشعراء شعر "قيس المجنون" حيث يقول:
خليليَّ هل بالشام عينٌ حزينةٌ ... تبكي على نجدٍ لعلّي أعينُها
قد أسلمها الباكون إلا حمامةً ... مطوقة باتت وباتَ قرينُها
تجاوبها أخرى على خيزرانةٍ ... يكاد يدنيها من الأرض لينها
فقلت له: "يا جعفر ماذا أعزك الله تعالى باتا يصنعان؟ " فقال لي: "وكيف تقول أنت يا أندلسي؟ "، فقلت له: "بانت وبان قرينها"، فسكت وما زال
(١) العدد السابع عشر - المصادر في غرة رمضان المعظم ١٣٢٢.