للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماسكاً بزمام السياسة، وإنما تحامى الناس أن يطلقوا على رسل الله لقب ملك؛ لأن لقب الرسول أرفع اسماً، وأدل على العدل من لقب ملك الذي ينادي به كل سائس، وإن كان مستبداً مترفاً.

ونحن نجاري المؤلف في هذا الصدد، ولا نريد من اسم الملك -متى وصفنا به مقام الرسالة- إلا الرياسة السياسية التي يحاولها بالرغم من حجج تصيح به أنّى التفت، وهو متصامم عنها تصامم المفتون بأحدث "ما أنتجت العقول البشرية".

* الرسول - عليه السلام - ذو رياسة سياسية:

يقول المؤلف: "إن البحث في أن الرسول - عليه السلام - كان ملكاً، أم لا؟ بحث جديد في الإسلام". وهذا لا يصح إلا إذا عنى بالبحث: نفي أن يكون للرسول - عليه السلام - رياسة سياسية؛ فإن البحث في ذلك على وجه الإنكار بحث مختلق في الإسلام، وأما كون الرسول ذا رياسة سياسية، فأمر تقرر بالكتاب والسنّة المتواترة، وتناوله المسلمون من قبل على وجه صريح، واستقر للعلماء فيه رأي واضح.

أما الكتاب، فمن آياته الكثيرة في هذا المعنى: قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥].

وأما السنّة، فمن شواهدها: أقضيته - صلى الله عليه وسلم -، وإقامته الحدود على مثل: الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وإرساله الأمراء في طول البلاد المفتوحة وعرضها.

وأما اعتقاد العلماء قاطبة بأنه - عليه السلام - كان رسولاً نبياً، ومشرّعاً سياسياً، فدليله: إجماعهم على الاستدلال بأقضيته وأحكامه وسائر تصرفاته