للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العرب والسّياسة]

" كنت في قطار بضواحي برلين يرافقني مدير الأمور الشرقية بوزارة الخارجية، وكان يتحدث مع شاب ألماني باللغة الألمانية. ثم أقبل عليَّ، وقال لي: أليس هكذا يقول ابن خلدون: إن العرب أبعد الناس عن السياسة؟ فقلت: يريد: العربَ قبل دخولهم الإِسلام. وبهذه المناسبة نظمت هذه الأبيات".

عَذِيرِيَ مِنْ فَتىَ أَزْرى بِقَوْمي ... وَفي الأَهْواءِ ما يَلِدُ الهُذاءَ (١)

يَقولُ: العُرْبُ ظَلوا في جَفاءٍ ... وما عَرَفُوا السّياسةَ والدَّهاءَ

سَلوا التَّاريخَ عَنْ حَكَمٍ تَملَّتْ ... رَعاياهُ العَدالةَ والرَّخاءَ (٢)

عَزوفِ النَّفْسِ عَنْ تَرَفٍ ذَكُورٍ ... لِعُقْبي مَنْ أَجادَ وَمَنْ أَساءَ (٣)

هُمامٍ كانَ سامِرُهُ وأَقْصَى ... بِلادٍ في مَهابَتِهِ سَواءَ (٤)

هُوَ الفاروقُ لمْ يُدْرِكْ مَداهُ ... أَميرٌ هَزَّ في الدُّنيا لِواءَ (٥)


(١) العذير: العاذر، يقال: عذر؛ أي: رفع عنه الذنب واللوم فيما صنع، أو على ما صنع، ويقال: من عذيري من فلان؟ ومعناه: أنه أهل للإيقاع به، فإن أوقعت به، كنت معذوراً. أزرى به: وضع منه، أو قصر به. الهذاء: القول الباطل.
(٢) تملى: استمتع، يقال: تمليت عمري: استمتعت فيه.
(٣) عزوف: يقال عزفت النفس عن الشيء: زهدت فيه، وانصرفت عنه، أو ملته، فهي عزوف عنه، العقبى: جزاء الأمر، الآخرة.
(٤) الهمام: الملك العظيم الهمة، والسيد الشجاع، وهو من أسماء الأسد. السامر: مجلس السمّار، يقال: أمسيت البارحة في سامر الحي، أي: في مجلس مسامرتهم.
(٥) الفاروق: (٤٠ ق هـ، ٢٣ هـ) أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وثاني الخلفاء الراشدين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق، فرق به بين الحق والباطل".