ذات أوراق طرية ليضعنها على القبور، باعتقاد أنها تنفع الموتى كما تنفعهم الصدقات، ويستندون في هذا إلى حديث: غرز النبي - عليه الصلاة والسلام - عودين من جريد على قبر من لا يستتر من بوله، ومن كان يمشي بنميمة، وقوله:"لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا".
وقد فاوضني في هذه العادة أحد الفضلاء من الأرناؤوط يوم العيد، وذكر الحديث، فقلت له: إن غرز النبي - صلى الله عليه وسلم - للعود الرطب لداعٍ غيبي، ومعنى يختص به، مثل أن تكون مدة بقاء الطراوة فيه غاية لما وقع فيه الطلب من تخفيف العذاب عنهما.
وما يفعله - عليه الصلاة والسلام - لعلة غائبة عن أبصارنا لا ينبغي لنا أن نقدم إلى فعل مثله؛ فإن العلة غير متحققة بالنسبة لنا، ونظير هذا: حديث نزوله - عليه الصلاة والسلام - والصحابة معه بالوادي، واستمرار النوم به إلى أن طلعت الشمس؛ فإنه - عليه الصلاة والسلام - أمر بالرحيل، وقال:"إن هذا واد به شيطان"، فلا يصح لنا أن نقيس عليه حالتنا، حتى إذا طلعت الشمس علينا، ونحن بواد، تحاشينا أن نصلي فيه؛ لأن العلة التي استند عليها - عليه الصلاة والسلام - لا طريق لنا إلى معرفتها كما قال أبو الوليد الباجي.
وبعد هذه المفاوضة اطلعت على إنكار أبي بكر الطوطوشي لهذه العادة، ومتابعة صاحب "المدخل" على هذا الإنكار.
* محاورة مع الشاعر خير الدين الزركلي:
ومن أدباء دمشق: الشاعر المجيد السيد خير الدين الزركلي، رأيته ينحو في شعره نحو فلسفة المعري، فخاطبته بقولي:
يا محضراً في برد شعر للنهى ... روح المعرّي كي تغازل بالحِكَمْ