لم يكن المسلمون فيما سلف يشعرون بالحاجة إلى تأليف جمعيات إصلاحية؛ إذ لم تكن طرق الفساد والغواية مفتحة على الوجه الذي نشاهده في هذا العصر، ولم يكن الناس يتركون الخير جماعات بزعم أنه ليس بخير، وإنما هي الشهوات الغالبة، أو الجهالات القائمة تأخذ بنفوس أفراد، حتى إذا قام دل إلى الإِصلاح، ولو لم يكن له أعوان، أمكنه أن يكبح جماحها، ويدفع شرورها.
أما اليوم، فقد انفجرت ينابيع الفتن بحال لم يكن له نظير في العهود الخالية، فإذا تقدمت العلوم مراحل بعيدة المدى، فإن الفضيلة والهداية لقيتا فيه كساداً، بل نكراً وعداء.
تلك طائفة تدعو في بلاد الإِسلام إلى دين أو أديان غير الإِسلام، دون أن تجد قوة تصرفها، أو تقف بها عند حد، وإذا لم تنجح دعاية هؤلاء في تحويل أبنائنا إلى دينهم، فقد استحوذوا على عقول كثير منهم، وانحدروا بهم في ريب، بل ألقوهم في حفرة من الإلحاد، حتى أصبحت هذه الشرذمة تحارب هدى الله بمثل السلاح الذي يحاريه به أولئك المخالفون.
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزآن الثالث والرابع من المجلد السابع عشر الصادران في عدد واحد عن شهري رمضان وشوال ١٣٦٣ هـ - القاهرة.