وبين المدائن -عاصمة بلاد الفرس- صفة كأني انظر إليها، واجعلني من أمركم على جلية".
وإطلاع ولي الأمر على حال الجيش وموقف العدو أمامهم في كل ساعة، يدعوه إلى السهر والتفكير في وسائل سلامة الجيش، وإمداده بما يحتاج إليه من قوة.
ولا يمنع ولي الأمر تفويضه لقائد الجيش في أمر الحرب أن يتتبع سيرته، وينظر إليها بعين الناقد البصير، حتى إذا رأى فيها مأخذاً، نبهه له، أو بدا له رأي أصوب من رأي القائد، أبلغه إياه مصحوباً بالحجة.
انصرف أبو عبيدة في فتح الشام عن قلعة حلب إلى النواحي التي قربت من أنطاكية، فكتب إليه عمر بن الخطاب: "وأما ما ذكرت من انصرافك عن قلعة حلب إلى النواحي التي قربت من أنطاكية، فهذا بئس الرأي! أتترك رجلاً ملكت دياره ومدينته، ثم ترحل عنها، وتسمع أهل النواحي والبلاد بأنك ما قدرت عليه؟! فما هذا الرأي؟! فيضعف رأيك، ويعلو ذكره بما صنع، ويطمع من لم يطمع، فترجع إليك الجيوش، وتكاتب ملوكها، فإياك أن تبرح حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين".
* الشورى في الحرب:
استطلاع الآراء نافع في كل أمر، وهو في الحرب أحق بأن لا يستهان به؛ فإن رأي الجماعة أبعدُ عن الخطأ من رأي الفرد، لذا عني القرآن المجيد بالشورى، فقال تعالى لرسوله الكريم، وهو المؤيد بالوحي:
{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}[آل عمران: ١٥٩].
والمراد من الأمر في الآية: أمر الحرب ونحوها من أمور الدنيا التي