فمعنى أن للإسلام أولية في بلاد العرب ثابت بنص القرآن، لا أن المسلمين يريدون إثباته. والقرآن أيضاً يقول: إن الدين الإِسلامي هو الدين الحقال في أوحاه الله إلى الأنبياء من قبل، فقد رأيتموه كيف يسمّي دين الإِسلام: ملة إبراهيم -عليه السلام -، ورأيتموه يقول لمحمد - صلوات الله عليه -: {أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}[الأنعام: ٨٩].
ثم هو يسوق قصص الأنبياء من قبل، ويأتي في بيان ما يدعون إليه على ما يدعو إليه الإِسلام من التوحيد الخالص، واختصاص الخالق بالعبادة، واعتقاد أن غير الله لا يملك ضراً ولا نفعاً، إلى ما يشاكل هذا من آداب رفيعة وأخلاق فاضلة.
فهذا الذي يعزوه المؤلف لإرادة المسلمين إنما يقوله القرآن، والمؤلف يريد نفيه، وليس له على هذا النفي من حجة غير ما تعلّمه من قدماء الجاحدين من نحو التهكم والإنكار الذي يأتيك عارياً من كل حجة وشبهة تشبه أن تكون حجة.
* معنى الحنيفية:
قال المؤلف في (ص.٨): "القرآن يحدثنا عن هذه الكتب، فهو يذكر التوراة والإنجيل، ويجادل فيهما اليهود والنصارى، وهو يذكر غير التوراة والإنجيل شيئاً آخر هو صحف إبراهيم، هو هذه الحنيفية التي لم نستطع إلى الآن أن نتبين معناها الصحيح".
اتفقت الأديان الثلاثة على نبوة إبراهيم - عليه السلام -، ودل القرآن؛