للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدّين والفلسفة والمعجزات (١)

يبحث الإنسان عن حقائق الكائنات، ويتعرف أحوالها، ويتدبر وجوه اختلافها: في الصفات، والطبائع، والآثار، ينظر فيها متفرقة أو متجمعة، باتصال أو امتزاج. ويسمو بعد هذا إلى البحث عن مصدرها، والتفكير في مصيرها، وما ينتهي إليه نظره يرسم له حدوداً، أو يصيغه في صورة قانون. وذلك ما يسمّى: علماً، أو فلسفة.

ولما لم تكن العقول متساوية في حدة النظر، ولا في رعاية قوانين البحث، اختلف ما ترسمه للأشياء من حدود، وما تقرره لها من أحكام.

فمنها ما يقطع بصحته، ومنها ما لا يتعدى درجة الظن، ومنها ما هو ظاهر الفساد.

وإذا لاحظت أن بعض العقول قد تخرج في البحث إلى ما لا سبيل لها أن تعرفه من طريق التجربة أو الاستدلال، ظهر لك ناحية من النواحي التي تخبط فيها العقول خبط عشواء، وإن بلغت في العبقرية الذروة، ودرست علم المنطق كتاباً بعد كتاب.

أما الدين، فهو وضع إلهي يراد به: هداية الإنسان إلى السيرة المرضية


(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الخامس من المجلد السادس.