من القرآن"، وفي رواية أخرى: "ملكتكها بما معك من القرآن"، وثالثة: "خذها بما معك من القرآن"، وفي رابعة: "أمكناكها بما معك من القرآن".
نعلم يقينا أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يلفظ بجميع هذه الألفاظ، بل لا نجزم بأنه قال بعضها، إذ يحتمل أنه قال لفظاً آخر مرادفاً لهذه الألفاظ، فأتى الرواة بالمراد منه، ولم يأتوا بلفظه؛ إذ المطلوب إنما هو نقل المعنى. وأضافوا إلى هذا: أن الرواة لم يكونوا يضبطون الحديث بالكتابة؛ اتكالاً على الحفظ، وأن الضابط منهم من يحتفظ بالمعنى، وأما ضبط اللفظ، فبعيد جداً، ولا سيما ألفاظ الأحاديث الطويلة.
ثانيهما: أنه وقع اللحن في كثير مما روي من الأحاديث؛ لأن كثيراً من الرواة لم ينشؤوا في بيئة عربية خالصة حتى يكونوا عرباً بالفطرة، بل كانوا قد تعلموا العربية الفصحى من طريق صناعة النحو.
* وجهة نظر المجوزين:
يستند هؤلاء إلى الإجماع على أنه - صلى الله عليه وسلم - أفصح العرب لهجة؛ كما قال ابن حزم في كتاب؛ "الفصل" منكراً على من لم يجعلوا الحديث حجة في اللغة: "لقد كان محمد بن عبدالله قبل أن يكرمه الله بالنبوة، وأيام كان بمكة، أعلمَ بلغة قومه، وأفصح، فكيف بعد أن اختصه الله للنذارة، واجتباه للوساطة بينه وبين خلقه؟! ".
وقالوا: إن الأحاديث أصح سنداً مما ينقل من أشعار العرب؛ كما قال صاحب "المصباح" بعد أن استشهد بحديث: "من أثنيتم عليه بشر، وجبت"، على صحة إطلاق الثناء على الذكر بشر: "قد نقل هذا العدل الضابط عن العرب الفصحاء عن أفصح العرب، فكان أوثق من نقل أهل اللغة؛ فإنهم