وأجاب عن كل سؤال يطرح عليه من أحد أعضاء اللجنة، فيجيب عنه، ويستفيض بالشرح؛ لدرجة يجعل السائلَ في حيرة من أمره أمام هذا المسؤول.
وأبدى الإمام محمد الخضر حسين من الرسوخ والتمكن ما أصاب اللجنةَ الفاحصة بالدهشة والإكبار والتعظيم له، وكأنه بحر يهدر بغزارة وفيض، حتى إن الشيخ اللبان صاح بإعجاب أمام كافة الحضور:"هذا بحر لا ساحل له، فكيف نقف معه في حِجاج؟! ".
ونص القرار الذي أعطي للإمام بقبول عضويته: إن اللجنة امتحنت الشيخ محمد الخضر، فوجدته بحراً لا ساحل له.
وصدر الأمر الملكي برقم ٢٢ بتاريخ ٢٩ أبريل ١٩٥١ م بتعيينه عضواً في جماعة كبار العلماء.
وهذه العضوية هي السبيل إلى اختياره شيخاً للأزهر.
* الإمام في مشيخة الأزهر:
يذكر الإمام محمد الخضر حسين في مذكراته ما أخبرته أمه السيدة حليمة السعدية بنت الشيخ مصطفى بن عزوز: أنه في صغره كانت ترفع وليدَها بين يديها، وتربِّتُ عليه، وتداعبه وهي تنشد:
إنْ شاءَ الله يا أَخْضَرْ ... تِكْبَرْ وتْرُوحْ الأَزْهَرْ
واستجاب الله -عَزَّ وَجَلَّ- دعاء الأم التقية الصالحة، وإذا بوليدها ينتقل من تونس إلى دمشق، ويجوب البلدان والأمصار إلى إسطنبول وبرلين، وإلى القاهرة؛ ليصبح إماماً وشيخاً للأزهر.
وهذا دليل على صلاحه وتقواه، فأثابه الله في الدنيا، وعنده ثواب الآخرة.
ارتقى مشيخة الأزهر في (٢ المحرم سنة ١٣٧٢ هـ - ٢٢ سبتمبر أيلول سنة ١٩٥٢ م)، واستقال في (٢ جمادى الأولى سنة ١٣٧٣ هـ - ٨ جانفي