سبق لكاتب المقال أن قال في حديثه عن اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم -: وكان يسارع أحياناً إلى الجواب عما يسأل عنه، وأحياناً ينتظر الوحي.
وكان قصده هنالك: أن الفتاوى التي تصدر عن سرعة هي من قبيل الاجتهاد، فيكون مراده من تقسيم الفتاوى هنا إلى: ما يجيب عنه بلسان الوحي، وما يجيب عنه باجتهاد: أن ما يجيب عنه بلسان الوحي: ما كان ينتظر فيه الوحي، وما يجيب عنه باجتهاد: ما يجيب عنه بسرعة، وقد نبهنا فيما سبق لعدم دلالة السرعة في الجواب على أن الفتوى كانت عن اجتهاد.
وقد علم له - عليه الصلاة والسلام - من نوع الفتاوى في الأحكام الشرعية كثيرة، ولكنا لا نستطيع أن نضع أيدينا على فتوى في حكم شرعي، ونقول ونحن على حجة: هذه فتوى أجاب فيها بما يراه كما يفعل سائر المجتهدين.
* تصرفه بالقضاء:
قال كاتب المقال: "وهو بشخصية القاضي حكم بين المتخاصمين، يسمع دعاواهم، ويتعرف الحق بما يسمع من شهادة الشهود، وما يرى من وجوه التثبت، ويقدر ظروف القضية وأحوال المتقاضين؛ كما يفعل سائر القضاء، وأحكامه في هذه الدائرة لا عموم لها في الأشخاص ولا في الأحوال، كما يقول علماء الأصول، فليس لها صفة التشريع العام".
يتوجه النظر في القضاء إلى ناحيتين:
أولاهما: الوسائل التي تتقدم الحكم؛ من نحو: البينات، والأيمان، وتزكية الشهود، والطعن في البينات، وضرب الآجال والأعذار، وبعث الحكمين.