للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[المقدمة]

الإمام محمد الخضر حسين يشع هدى ونوراً، ويفيض علماً، وينتضي القلم جهاداً.

بدأ رحلة الإيمان من مدينة "نفطة" في جنوب القطر التونسىِ، وانتهت به إلى مدينة "القاهرة". رفيقه الأوحد -ونعم الصاحب في الحل والترحال -كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ-، داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنهَ، ومناضلاً بقلمه وفكره كل صنوف البغي السياسي، والانحلال الخلقي، والإلحاد الشرس.

وبعد هذه الرحلة المؤمنة الشاقة والطويلة، أتته مشيخة الأزهر طائعة مختارة، تدق باب الإمام المتواضع برفق، وتدعوه لمزيد من الكفاح والعطاء، فيلبي النداء رغم الكهولة، وكيف لا يلبي الدعوة وهو القائل:

ولولا ارتياحي للنضال عن الهدى ... لفتشت عن وادٍ أعيش به وحدي

وباعتلائه قمة مشيخة الأزهر بعلمه وفضله، فقد شدَّ أواصر الصلة بين الزيتونة والأزهر، وفي هاتين القلعتين الإسلاميتين العظيمتين، سطَّر الإمام بين مطلع حياته الجليلة والسنوات الأخيرة من أيامه المباركة تاريخاً عبقرياً للرجل الداعية المسلم.

لقد جمع إشعاع هذين الجامعين الكبيرين -جامع الزيتونهَ، والجامع