للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما أشرفنا على بلد "أزمير" وواجهتنا بمنظرها الهلالي، أنشأت له:

لأزمير شكل كالهلال مقوَّسٌ ... ولكن له في منتهى البحر ألوان

وأحسبه الشكل الذي اختطف النُّهى ... لقوم فقالوا: في الكواكب سُكَّان

* منار أزمير:

أقامت الباخرة بأزمير ليلة وصبيحتها، وكنت برزت قريباً من العشاء على سطح الباخرة، وذلك الشيخ يؤانسني، فانكشف لنا منار على الرصيف يتضح ضياؤه مرة، ويتوارى مرة أخرى، فأنشأت:

كأن مناراً يهتدى بضيائه ... ومنظره المحمّر يبدو ويختفي

حَشاً تقذف الأشواق فيه بجذوةٍ ... وآونة يرجو الوصال فتنطفي

قام هذا الشيخ مرة يصلي، فوقف بعض النوتية يعبث بتقليده، فأكمل صلاته بمنتهى اعتدال وطمأنينة، وبعد أن خرج من حرم العبادة، التفت إليّ وقال وهو مستريح الخاطر: لا يعبأ بهذا الصنيع، يشير إلى أنه من لعب الصبيان.

إذا لم يكن مر السنين مترجماً ... على الفضل في الإنسان سميته طفلا

* منار نابولي:

بلغنا إلى "نابولي" مساء يوم الجمعة، وحين أرسل الليل سجافه، رأيت بها مناراً يتجلى مشرقاً في دائرة متسعة، ثم يتضاءل إلى أن يصير في صغر الكواكب، فأنشأت فيه:

تخال سراجاً كالغزالة ينجلي ... ويلمع في لون السها حين يقلص

أقيم مثالاً في العيان لقولهم ... على وصف إيماني يزيد وينقص