وقال أدباء الأندلس: من كمال الظرف: أن يحفظ الإنسان شعر ابن زيدون.
ومن هذا القبيل: قصيدة أبي القاسم عامر بن هشام التي يسميها أهل الأندلس: "كنز الأدب"، والقصيدة يذكر فيها متنزهات قرطبة، وفيها حكم بليغة. يقول في طالعها:
يا هبة باكرت من نحو دارينِ ... وافت إليّ على بُعد تحييني
إلى أن يقول:
وأنكدُ الناس عيشاً من تكون له ... نَفْسُ الملوك وحالاتُ المساكين
* العلماء والشعر:
وتبرأ بعض العلماء من الشعر، ورأى أنه يزري بالعلماء، فقال:
ولولا الشعرُ بالعلماء يُزري ... لكنت اليومَ أَشعرَ من لَبيدِ
ولكن الشعر في ذاته لا يزري بالعلماء، بل هو فن من فنون أدب اللغة، فمن تعلق به، فقد ضم إلى أدبه أدباً. والشعر الذي يزري بالعلماء هو الشعر الذي يُقبل عليه الجاهلون، ويدعوهم إلى ما فيه خيبة وخسر، والذي يتيه بصاحبه في كل ناحية من الباطل، ومن يقول صاحبه مالا يصدر منه. وهو المشار إليه بقوله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} [الشعراء ٢٢٤ - ٢٢٦].
فمن الشعراء من يقول غير الحق؛ كقول بعضهم:
ألا لا يجهلنْ أحدٌ علينا ... فنجهلَ فوقَ جهلِ الجاهلينا