ومما يدل على براعة الشعر: تعدد من يدعيه؛ بأن يقول شاعر القصيدة، فينسبها بعض الأدباء لنفسه؛ لينال فخر نظمه لها، وقد ذم ابن الرومي بعض من يأخذ شعر غيره، وينسبه إلى نفسه.
وتشكى السريُّ الرفّاء بأديبين في قصيدة بعث بها إلى المفضل الضبي.
ومما يدل على بلاغة الشعر: اتخاذه مثلاً يضرب لمن حصل له معناه؛ كقول عبد العزيز بن نباتة السعدي:
ومن لم يمتْ بالسيفِ مات بغيره ... تعددت الأسبابُ والموتُ واحدُ
أو من حصل له ما يماثل معناه؛ كقول المتنبي:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده ... ولا الصبابةَ إلا من يعانيها
وقول أبي نواس:
لا أذود الطير عن شجرٍ ... قد بلوْتُ المرَّ مِنْ ثمره
وهذا مثل يضربه من ناله مكروه من رجل يجرعه غصص الأذية مرة بعد أخرى.
ومن طرق التنبه على براعة الشعر: قول الأدباء: من كمال الظرف في الإنسان: أن يحفظ قصيدة فلان، أو شعر فلان، كما قال الأدباء: من كمال الظرف: أن يحفظ الإنسان قصيدة ابن زريق التي يقول في طالعها:
لا تعذليه فإن العذْلَ يولِعُهُ ... قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه
إلى أن يقول:
أعطيت ملكاً فلم أحسن سياسته ... كذاك من لا يسوس الملك يخلعه