افتتح المؤلف الباب بأن الإسلام وحدة دينية، وأن الله اختار لدعوته محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: لله- جلّ شأنه- حكمة في ذلك بالغة، قد نعرفها، وقد لا نعرفها.
وأتى على وجه ابتداء الدعوة بين العرب، وذكر عقب هذا: أن البلاد العربية كانت مختلفة الشعوب والقبائل، ومتباينة في مناهج الحكم والعادات، وأن هذه الأمم المتنافرة اجتمعت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - حول دعوة الإسلام، وأن وحدتها لم يكن فيها من معاني الدولة والحكومة. وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتعرض لشيء من سياسة تلك الأمم، ولا غيّر شيئاً من أساليب الحكم عندهم، وذكر أن في الشرائع التي جاء بها النبي - عليه السلام - ما يمس إلى حد كبير أكثر مظاهر الحياة في الأمم، ثم قال: ولكنك إذا تأملت، وجدت أن كل ما شرّعه الإسلام من أنظمة وقواعد وآداب لم يكن في شيء كثير ولا قليل من أساليب الحكم السياسي، ولا من أنظمة الدولة المدنية، وزعم أنك إذا جمعته، لم يبلغ أن يكون جزءاً يسيراً مما يلزم لدولة مدنية