في الفصل بين ما كان الارتباط بينهما قوياً، ويدلك على أن لشدة الارتباط بين المعنيين أثراً في ضعف القياس: أن بعض النحاة منعوا من الفصل بين المضاف والمضاف إليه بمجموع الأمور التي يجوز الفصل بكل واحد منها منفردًا؛ نحو: الظرف، والمفعول، ولما أجاز طائفة الفصل بمجموعها قياساً على الفصل بين "تقول" العاملة عمل ظن، وأداة الاستفهام بمجموع ما يجوز به الفصل بينهما، وهو الظرف والمعمول، وطعنوا في هذا القياس بن ما بين المضاف والمضاف إليه من الاتصال أشد مما بين أداة الاستفهام والفعل المستفهم عنه.
ويزيدك علما بن لشدة ارتباط الكلمة بالأخرى أثراً في أحكام النحو: أن كثيراً من علماء العربية منعوا الفصل بين الموصول الحرفي وصلته متى كان الموصول عاملاً؛ مثل:"أن" المصدرية، وأجازوا الفصل بين الموصول غير العامل وصلته؛ مثل:"ما" المصدرية، ذلك لأن الموصول العامل أشد اتصالًا بصلته من الموصول غير العامل؛ إذ الأول طالب للصلة من جهة المعنى والعمل، وأما الثاني، فطلبه لها من جهة واحدة، وهي الموصولية.
* القياس في الحذف:
من الجليّ: أن حذف أحد أجزاء الجملة يغير أسلوبها، ويحدث فيها هيئة جديدة، والمحافظة على الأسلوب العربي تقضي أن لا يلفظ الإنسان بعبارة إلا أن تجيء مطابقة للهجة العربية.
وهذا الأصل هو الذي يتمسك به من لا يجيز حذف كلمة من الجملة حيث لم يقم عنده دليل على صحة حذف أمثالها. كما منع الجمهور حذف الفاعل، ومنع البصريون حذف الموصول، ومنع ابن ملكون حذف أحد