قال صاحب المحاضرة:"القاعدة النحوية: أن ضمير الغائب يجب أن يعود إلى مذكور يتقدمه لفظاً ورتبة، وأن يطابق هذا المذكور في التذكير والتأنيث، وفي الإفراد والتثنية والجمع، هذه القاعدة شاملة لا يقبل النحويون فيها استثناء، فإن عرض ما يوهم تأخر المرجع عن الضمير، تأوَّلوا، وتكلفوا لإثبات أن هذا التأخير اللفظي لا يستلزم تأخر الرتبة، وهم - على كل حال - لا يقبلون استثناء في قاعدة المطابقة بين الضمير ومرجعه".
لم يوجد في القواعد النحوية منذ نشأت إلى يوم انعقد مؤتمر المستشرقين قاعدة تقول: إن ضمير الغائب يجب أن يعود إلى مذكور لفظاً ورتبة، وإنما قال النحاة - كما قال ابن مالك في "التسهيل" -: الأصل تقديم مفسر ضمير الغائب.
ويعللون هذا الأصل بأن ضمير المتكلم والمخاطب تفسرهما المشاهدة، وضمير الغائب عارٍ عن هذا الوجه من التفسير، فكان الأصل تقديم معاده؛ ليعلم المراد بالضمير قبل ذكره، وأجمعوا بعد هذا على أن العمل على هذا الأصل غير واجب، وسوَّغوا أن يكون الضمير عائداً إلى متأخر في اللفظ متى كانت مرتبته في نظم الكلام متقدمة، فلم يقع بينهم اختلاف في صحة