للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرؤيا والحكم الشرعي (١)

سؤال:

من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام، وأمره بفعل شيء، هل يلزمه فعل ذلك الشيء، لقوله: "من رآني فقد رآني حقاً فإن الشيطان لا يتمثل بي"، أم لا؟

جواب:

الحكمة البالغة تقتضي أن تكون طرق معرفة الأحكام مضبوطة جلية، تسع مداركها كل من يحاول الوصول إليها من المكلفين لا يختص بها واحد دون آخر، ولهذا لم يعدّ الأصوليون من دلائل الفقه الإلهام ولا المرائي المنامية، وأما ما يذكره بعض العلماء من الاستدلال بالمرائي فإنما هو من باب الاستئناس والتأييد للأدلة الظاهرة.

فرؤيته - عليه الصلاة والسلام - مناماً، وإن كانت حقاً لا يقرّر بها حكم شرعي على جهة الاستقلال, لأننا نخشى أن نرى رجلاً يعمل عملاً على خلاف مما يقتضيه ظاهر الشريعة، فإذا كُلِّم في ذلك قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرني بذلك مناماً". هذا مع عدم تحقق ضبطه للرؤيا واحتمال تأويلها على خلاف ما فهمه منها, ولذلك قال "القرافي": "لو قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لرائيه في المنام امرأتك


(١) العدد السادس عشر - الصادر في ١٦ شعبان الأكرم ١٣٢٢.