به ذو الجدّ منهم، قلنا له: لا تتعرض لمقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تنطق في هزل أو غير يقظة، فما نحن بتأويل منطق الهزل أو الهذر بعالمين.
وقعت واقعة ذي قار بعد ظهور الإِسلام، ومن المؤرخين من يذكر لها وقتاً مسمّى، وهو السنة الثالثة للبعثة (١). وإذا احتمل بعض الأخبار المتصلة بها أن يكون مصطنعاً، فإن مجموع الأخبار والأشعار الواردة في طرق شتى، تفيد أن أصل الواقعة، وانتصار العرب على العجم مما لا شك فيه، ونسبة حديث هذا اليوم إلى العرب المضطرين إلى أن يجيبوا الشعوبيين بلون من الانتحال، مدفوعة بن كثيراً من أخباره مروية في "تاريخ ابن جرير"، و"العقد الفريد" عن شعوبي، وهو أبو عبيدة معمر بن المثنّى، فلولا أن خبر ذلك اليوم ثابت على وجه لا يتمكن الشعوبي من إنكاره، لما كان من رواته أبو عبيدة الذي سيعده المؤلف في طبقة صنّاع الأخبار المزرية بشأن الأمة العربية.
* علماء اللغة والأدب والكلام والفلسفة:
قال المؤلف في (ص ١١٤): "ولعلك تلاحظ أن الكئرة المطلقة من العلماء الذين انصرفوا إلى الأدب واللغة والكلام والفلسفة، كانوا من العجم الموالي، وكانوا يستظلون بسلطان الوزراء والمشيرين من الفرس أيضاً". وبعد أن زعم أن غاية هؤلاء العلماء استحالت من إثبات سابقة الفرس في السلطان إلى ترويج السلطان الذي كسبوه أيام بني العباس، قال:"ومن هنا كان هؤلاء العلماء والمناظرون أصحاب ازدراء للعرب، ونعي عليهم، وغض من أقدارهم".