لا تركنن لياءٍ لا أمان لها ... واطلب جناب كريم النفس مؤتمن
* لقاء مع رجالات دمشق:
ولاقينا من فضلاء المدينة الناهضين: السيد شكري العسلي أحد مبعوثيها، والأمير الطاهر حفيد الأمير عبد القادر، والسيد محمد عابدين المعاون بهيئة المحاسبة، فكشف لنا لقاؤهم عن كرم خلق، وألمعية مهذبة، وقد زارنا الأخير في إحدى ليالي رمضان، ومما دار في السمر هذه الليلة: أن المناظرة في فروع الدين مع من لا يعتقد بصحة أصوله ليس لها كبير فائدة، وإنما تبدأ المناظرة مع من أرادها في الأصول والعقائد؛ فإنه يجد فيها الناظر الأداة المبكتة، والبراهين المسكتة، فإن لم تقع موقع التسليم، كانت المباحثة في الفروع غير مجدية، وإذا أخذت من نفسه مكاناً راسخاً، ذعن بعد ذلك لكل ما جاءت به الشريعة من التكاليف، ووضعها على كاهل الطاعة، ولهذا لا نجد نصوص الشريعة تتبسط في حكم التكاليف العملية وأسرارها، كما تنبه على دلائل العقائد الواجبة، بل تلقيها إلى المكلفين مجردة عن حكمتها في الغالب؛ فإن من يعتقد بأنها تنزيل من حكيم حميد، يلزمه الامتثال لأمرها، ولا يتوقف عن العمل بها إلى أن يدرك ثمرتها، كما قال تعالى في الرد على من قالوا: إنما البيع مثل الربا: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥].
فلم يزد على أن نسب تحريم الربا إليه، دون أن يذكر له حكمة تفرق بينه وبين البيع، وفيه إيماء إلى أن معرفة الحكمة من الأحكام التي تضعها الشريعة السماوية غير لازمة، وليس القصد من هذا التقرير سد باب النظر