وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم
مقدّمَة الإمام محمّد الخضر حسين
الحمد لله الذي فاوت بين الألسنة في مراتب البيان والتبيين. والصلاة والسلام على سيدنا محمد المرسل بلسان عربي مبين؛ ثم الرضا عن آل بيته الطاهرين. وأصحابه الأنصار والمهاجرين.
هل أتاكم نبأ فريق من أعيان الأدباء، وأعضاء هذه الجمعية "جمعية الخلدونية"؛ إذ أخذتهم الغيرة على ما للغة العربية من الوضع المحكم، والأساليب المؤثرة، فاجمعوا أمرهم على السعي في ترقية شأنها باقرب الوسائل، ومواصلة البحث عن أسرار فصاحتها، ومن مآثر هذه الهمة أن خاطبني مجلس إدارتهم السامية بكتاب يقترح علي القيام بمسامرة في بيان شرف هذه اللغة، ودلائل حياتها، فضربوا لي معهم بسهم من ذلك الاهتمام، وما لبثت أن تلقيت دعوتهم بالاجابة.
حررت ما سنناجيكم به في هذا المقام، وأتيت في خلال تحريره على شُبه أوحى بها إليّ بعض المسامرين، فالتبس عليه حال اللغة من جهة حياتها، ولئن أشهدناه دم الحياة كيف يجري في عروقها، وتلونا عليه من دلائل فصاحتها