"والتحقيق: أن مباحث الإمامة من الفقهيات، لكن لما شاع بين الناس اعتقادات فاسدة، وظهر من أهل البدع والأهواء تعصبات فيها، تكاد تفضي إلى رفض كثيرمن العقائد الإسلامية، ونقض بعض العقائد الدينية، والقدح في الخلفاء الراشدين، ألحقت تلك المباحث بالكلام، وجعلت من مقاصده".
فهذا، وما نقلناه في (ص ٣٣)(١) من كلام السعد في "شرح المقاصد"، والسيد في "شرح المواقف"، يشهد لكم بأن علماء الإسلام يصرحون بأن الإمامة ليست من العقائد، وإنما أوردها بعضهم في علم الكلام؛ للوجه الذي قرره السعد، والسيد، والكمال. فما ينبغي للمؤلف أن يرمي أولئك العلماء بأنهم جعلوا مبحث الخلافة جزءاً من عقائد التوحيد، ويضع للبحث صورة مشوهة، كأنه يصوّت في واد لا ينبت إلا أغبياء أو جهالاً.
* تعسف المؤلف وغلوُّه في إنكار فضل خلفاء الإسلام وملوكه:
قال المؤلف في (ص ١٠٢): "تلك جناية الملوك واستبدادهم بالمسلمين، أضلّوهم عن الهدى، وعمّوا عليهم وجوه الحق، وحجبوا عنهم مسالك النور باسم الدين، وباسم الدين أيضاً استبدوا بهم، وأذلوهم، وحرّموا عليهم النظر في علوم السياسة، وباسم الدين خدعوهم، وضيقوا على عقولهم، فصاروا لا يرون لهم وراء ذلك الدين مرجعاً، حتى في مسائل الإدارة الصرفة، والسياسة الخالصة. وقد ضيقوا عليهم أيضاً في فهم الدين، وحجروا عليهم في دوائر عيّنوها لهم، ثم حرموا عليهم كل أبواب العلم التي تمس حظائر الخلافة".