أنزل الله تعالى القرآن المجيد بدين قيم، وشريعة محكمة، وأمر رسوله الكريم - صلوات الله عليه - أن يبين للناس ما لم تصل إليه أذهانهم من معانيه السامية؛ فقال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]، ثم أمر الله تعالى بطاعة الرسول فيما يأمر به، أو ينهى عنه، وإن لم يرد أمره أو نهيه في صورة أنه بيان للقرآن، فقال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧].
فدّلت الآيتان على أنّا مأمورون باتباع بيان الرسول للقرآن الكريم، واتباع ما يقرره من الأحكام، وإن لم يبد لنا وجه رجوعها إلى نص خاص من نصوص القرآن.
فمطلع الدين القيم، والشريعة السمحة: كتاب الله، وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام -، وإكمال الدين الممتن به في قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}[المائدة: ٣] إنما تحقق بنزول القرآن، وبما
(١) محاضرة الإمام في حفلة ذكرى الإمام البخاري التي أقامها نخبة من أبناء تركستان بالقاهرة. مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثالث من المجلد الثامن عشر، رمضان ١٣٦٤.