يعمل المصلحون على أن تكون شؤون أممهم الاجتماعية في نظام وصفاء، ولا تستقيم هذه الشؤون، وتخلص من كل كدر، إلا حيث تكون الأمة قد استوفت وسائل القوة والمنعة، وهي: الارتواء من مناهل العرفان، والرسوخ في مكارم الأخلاق، والاعتصام بحبل الائتلاف والاتحاد، وتوفير الأيدي على العمل لكسب الأرزاق. وهذه الوسائل الأربع إنما تعود على النفس بطمأنينة، وتذيقها طعم حياة لذيذة متى سبقها إيمان يضرب بأشعته في كل سبيل.
فتفاضل الأمم في مراقي العزة والقوة، يجري على قدر تفاوتها في الإيمان والعلم وكرم السجايا، ومتانة الاتحاد، والسعي لاكتساب الطيّب من الرزق.
أما الإيمان، فهو النور الذي يسعى بين أيدي الجماعة، يرد بها كل ورد عذب، ويرتاد بها كل مرعى خصب، وهو الوسيلة التي يبتغون بها رضا الخالق - جل شأنه -، وإذا ظفروا برضا الخالق، وفّقهم لكل عمل مجيد، وجعلهم إذ يجارون غير المؤمنين هم السابقين، وإذ يناضلون غير المؤمنين هم الفائزين.
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء العاشر من المجلد السابع عشر.