للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجحوداً، والفضيلة لم تزل مضاعة، فلك أن تجعل هذا الصمت أمارة على أن الدعوة لم تقم على إيمان قوي، وغيرة صادقة.

وقد يتولى أمر الجماعة رحيب الصدر، العارف بما تأتي به الحرية الصادقة من الفوائد العظيمة، ولكنك ترى طائفة من شأنهم الدعوة إلى الحق في خمول وانزواء، وإذا كان الصمت عن الدعوة في عهد المستبد قبيحاً، فهو في عهد من يوسع صدره للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أشد قبحا، وأكبر إثماً.

وإذا كان من واجب دعاة الإصلاح صرف الجهد في معالجة المنحرفين عن السبيل، وانتزل ما في قلوبهم من قسوة حتى يالفوا سماع كلمة الحق، فإن من واجب ولي الأمر، الرافع للواء العدل، أن يبذل همته في معالجة المهملين للدعوة، وينتزع ما في نفوسهم من دواعي الجبن أو اليأس، حتى يظهروا في ميدان الجهاد لإعلاء كلمة الحق، وإزهاق روح الباطل، فيزعوا بحكمتهم ما لا يزعه السلطان القاهر بقوته.

والغاية التي نرمي إليها في هذا المقال: أن الأمة التي تحظى بالحياة الطيبة في دنياها وآخرتها، هي الأمة التي تنبت أرضها رجالاً تتقد قلوبهم غيرة على الحق، ويكون القابضون على أمرها رجالاً لا يعترضون دعوة الإصلاح، وان نسبت إليهم عوجاً في سيرتهم، أو نبهتهم لخطأ في سياستهم.