* لماذا لم يحتج بعض علماء الكلام في مسألة الخلافة بالحديث؟
قال المؤلف في (ص ١٦): "ولو وجدوا لهم في الحديث دليلاً، لقدموه في الاستدلال على الإجماع".
لما انتقل مبحث الخلافة إلى علم الكلام، ودارت المناظرة فيها مع طائفة ألقت عليها شيئاً من صبغة العقائد، رأى أهل العلم أن هذه الطائفة لا يكف بأسها، ويسد عليها طرق المشاغبة إلا بالأدلة الحاسمة، ولهذا وقعت عنايتهم على الاحتجاج بالإجماع، والقواعد النظرية الشرعية؛ لكونهما من قبيل ما يفيد العلم.
ومن لم يستند من علماء الكلام في هذا المبحث إلى الحديث، فلأنه اكتفى بذينك الدليلين، أو لأن أخبار الآحاد في نفسها لا تتجاوز مراتب الظنون، ولا يكبر على ذوي الأهواء الغالبة أن ينسلخوا منها، ويخترعوا منفذاً للطعن في صحتها، أو صرفها عن وجه دلالتها.
قال المؤلف في (ص ١٨): "لا نريد أن نناقشهم في صحة الأحاديث التي يسوقونها في هذا الباب، وقد كان لنا في مناقشتهم في ذلك مجال فسيح".
لا ندري ما هو الميزان الذي يرجع إليه المؤلف في قبول الحديث وعدم قبوله، حتى ننظر كيف ينفتح أمامه مجال فسيح للطعن في حديث:"تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"، وقد جاء في "صحيحي البخاري (١) ومسلم"، وحديث:"من مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية"، وحديث:
(١) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري (١٩٤ - ٢٥٦ هـ = ٨١٠ - ٨٧٠ م) الحافظ للحديث، صاحب "الجامع الصحيح" المعروف بصحيح البخاري، ولد في بخارى، وتوفي في "خرتنك" من قرى "سمرقند".