للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تجد فيه ذكراً لتلك الإمامة العامة، أو الخلافة. إن في ذلك لمجالاً للمقال".

في القرآن بيان كل شيء من أمور الدين، وأحكام الوقائع، وليس معنى هذا التبيان أنه يذكر أحكام الأشياء على وجه التفصيل، حتى إذا رجعنا إليه في قضية، ولم نجد لها حكماً مفصلاً، خالطت قلوبنا الريبة من حكمها الذي دلت عليه السنّة، أو انعقد عليه إجماع أهل العلم، أو شهدت به القواعد المسلَّمة.

وإنما معنى تبيانه لكل شيء: أنه أتى بكليات عامة، وهي معظم ما نزل به، وفصّل بعض أحكام، وأحال كثيراً من آياته على بيان السنّة النبوية، ثم إن الكتاب والسنّة أرشدا إلى أصول أخرى؛ كالإجماع، والقياس، وغيرهما من القواعد المستفادة من استقراء جزئيات كثيرة؛ كقاعدة: "المصالح المرسلة" وقاعدة: "سد الذرائع"

قال أبو إسحاق الشاطبي في كتاب "الموافقات": تعريف القرآن بالأحكام الشرعية أكثره كلي لا جزئي (١) ... فإذا نظرنا إلى رجوع الشريعة إلى كلياتها المعنوية، وجدناها قد تضمنها القرآن على الكمال، وهي الضروريات، والحاجيات، والتحسينات، ومكمل كل واحد منها، وهذا كله ظاهر أيضاً، فالخارج من الأدلة عن الكتاب هو: السنّة، والإجماع، والقياس، وجميع ذلك إنما نشأ عن القرآن (٢).

فإن لم ينص القرآن على حكم الخلافة، فإن في أيدينا من طرق تبيانه السنّة والإجماع والقياس، والقواعد التي لا يأتيها الريب من بين يديها ولا من خلفها.


(١) (ج ٢ ص ١٣٩) الطبعة التونسية.
(٢) (ج ٢ ص ١٩٥).