للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث الصّحيح حجة في الدين (١)

بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى الحق بقول لا يحوم به ريب، ولا يدنو منه قصور، لحمته حكمة، وسداه فصاحة، وتلقاه أصحابه - رضي الله عنه - على بصيرة وفطرة سليمة وقوة حافظة، وعرفوا مقاصده، وبلغوه كما صدر عنه، ونطق به، فكان قوله متممًا لما دعا إليه القرآن الكريم، حتى نزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

بلّغ الصحابة القرآن وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بصدق وأمانة من يبلّغها بصدق وأمانة كذلك، ولم يأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتابة الحديث خشية أن يختلط بالقرآن، واعتمد على ما عرف عن العرب من قوة الحافظة والضبط، وعلى صدق أصحابه وأمانتهم، وإنما أذن بالكتابة في أشياء لا تلتبس بالقرآن. ووصل إلينا من الكتب التي قيل: إنها أول ما ألف في الحديث كتاب "الموطأ" للإمام مالك، ولم يكن مالك بعيداً من عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى إن ما يسمونه ثنائيات الموطأ هي الأحاديث التي بلغت مالكاً بسند فيه راويان فقط بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجاء بعده عهد المحدّثين الذين ألّفوا في الصحيح؛ كالبخاري، ومسلم. وما يسمونه: ثلاثيات البخاري هي الأحاديث التي بلغت البخاري بسند ثلاثة رواة بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم -.


(١) مجلة "لواء الإِسلام" - العدد الثاني عشر من السنة الثامنة.