للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحديث الصحيح: هو الذي يرويه عدل ضابط عن عدل ضابط، وهكذا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد اتفق الصحابة والتابعون لهم على أن الحديث الصحيح حجة في الدين، ووقائع احتجاجهم بالحديث النبوي كثيرة لا يسع هذا المقال ذكرها.

وأنكر الاحتجاج بالحديث في الدين بعضُ من ينتمون إلى الإِسلام (١)، وحصر الاحتجاج في القرآن الكريم، وتأول آياته على ما يشتهي، وقد وجد في رواية الحديث بعضُ الزنادقة ثلمة يدخلون منها إلى وضع أحاديث تخالف الشريعة، وتزري بها، ووجد الجاهلون الكذابون طريقاً إلى أن ينسبوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقله، فوضع العلماء منذ ذلك العهد علمين:

علم رواية الحديث، وهو يبحث فيه عن كيفية اتصال الحديث برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث أحوال الرواة، وعدالتهم، وكيفية السند اتصالاً وانقطاعاً.

وعلم دراية الحديث، وهو علم يبحث عن المعنى المفهوم من ألفاظ الحديث، وعن المراد منها، مع مراعاة ضوابط العربية، وقواعد الشريعة، ومطابقة أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد نبّه المؤلفون في هذين العلمين لفريق اشتهر بوضع الحديث، وصرحوا بأن تجريح الرواة، والطعن فيهم ليس من الغيبة المحرمة؛ مراعاة للمصلحة التي تنجم من تجريحهم والطعن فيهم، وممن ألف في ذلك: البخاري، والنسائيُّ، والذهبي، وذكروا من علامات الوضع ما يتعلق بالمتن؛ كأن يكون مخالفاً للواقع، أو إلى ما عهد في الشريعة، أو ما عرف به النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) انظر كتاب: "الإِسلام دين عام خالد".