(٢) للإمام بحث آخر عن أبي بكر بن العربي في كتابه "تراجم الرجال". كتب الإِمام مقدمة للتراجم التي عزمت المجلة على إنجازها قال فيها: "من الفنون التي أخذت العرب من العناية منها قسطاً وافراً علم التاريخ" وهو معرفة أحوال الأمم الماضية من أخلاقهم وعاداتهم وصنائعهم وأنسابهم ووفياتهم إلى غير ذلك، وفائدته العبرة بتلك الأحوال والتنصح بها، وحصول ملكة التجارب بالوقوف على طبائع الكائنات وتقلبات الزمن وأطواره، ليتحرز عن أشباه ما أملاه عليه من الخطوب التي نزلت بالأفراد والأمم عن عروش الفخامة والجلال، ويعلم كيف التخلص منها بعد السقوط في مهواتها، ويعمد إلى التأسي بهم في الأشياء التي كانت أساس ارتقائهم، واستوجبوا بها حسن الذكرى وجميل الأحدوثة، ولذلك جعلته الشريعة الغرّاء ذريعة إلى الاعتبار والتهذيب، وعلَّمت الناس كيف ينتفع به في الاجتماع البشري. وقد احتفل القرآن في ذلك، فأفاض على عقول أهله أشعة من مواعظه الحسنة، وألقي إليهم بشذر من أسراره، ليتفقهوا بها في دينهم ودنياهم، وأكثر قصصه وأخباره من الغيوب التي لا يعلمها العرب، قال تعال: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا} [هود: ٤٩] لكنها من جنس ما كانوا ينتحلونه وينظمونه في سلك مذاكراتهم". هذا وقد عزمنا على إنجاز ما وعدنا به طالع هذه المجلة من فتح باب لهذا الفن، =