به الكوفيون، فقالوا في جوابهم: إن المبالغة التي قوي بها المعنى في تلك الأبنية، جبرت ما نقصها من الشبه في اللفظ، فنقابل مشابهة اسم الفاعل للمضارع في اللفظ بزيادة المعنى الذي اختصت به أبنية المبالغة، فتحصل الموازنة والتساوي في طلب العمل من غير تفاضل.
ومن أسباب اختلافهم في القياس: اختلاف أنظارهم في الشاهد أو الشواهد التي تذكر ليقاس عليها: يختلفون في أمانة ناقلها، أو في صحة عربية قائلها، أو في وجوه فهمها وإعرابها. ومن لا يثق بأمانة الناقل للكلام، أو لا يسلم أن الكلام صادر ممن ينطق بالعربية الصحيحة، لا يقيم لذلك الكلام وزنًا، ولا يعول عليه في شيء من أحكام اللسان. وإذا تبادر إلى ذهنك في فهم الكلام وإعرابه وجه يفتح لك السبيل لأن تستنبط منه حكماً، وتقيم منه قاعدة، فقد يتبادر إلى ذهن غيرك في فهمه وإعرابه وجه يطابق أصلاً من الأصول الثابتة من قبل، فيخالفك في ذلك الحكم، ويراه خارجاً عن سنن القياس، ومبنيًا على غير أساس.
* القياس في صيغ الكلم واشتقاقها:
نلقي في هذا الفصل نظرة على القياس في المصادر والأفعال، واسم الفاعل واسم المفعول، وأفعل التفضيل والصفة المشبهة، وفعل التعجب والنسب والتصغير والجموع.
ولا تحسبني متعرضاً لهذه الأبواب بتفصيل، واضعاً يدي على كل حكم من أحكامها، منبهًا على ما يصح أن يقاس عليه، وما ينبغى أن تقف به عند حد السماع، وإنما هي كلمات أتناول بها بعض مباحثها، وأريك أن الله تعالى لم يجعل علينا في اللغة العربية حرجاً.