اْبيات نسبت إلى النابغة-: "وأنا منها في شك، ولكنه قلَّ ما لا شك فيه"، وكشفوا الستار عن حال رجال حتى لا يعول على روايتهم في شيء ينفردون به، كما صنعوا فيما حدثوك به عن ابن إسحاق، وابن دأب، وغيرهما، ثم تناولوا بالنقد المفصَّل كثيراً من أشعار عُزيت لأشخاص معينين، ففتحوا للنقد طرقاً أقلّ ما يستحقون بها الخلاص من أذى التطاول الذي يدّعيه الطيش، وينازعه فيه الغرور.
ونحن لا ندعي أن القدماء أتقنوا تاريخ الأدب من كل جانب، ولا نكره للناشئ الألمعي أن يبحث فيما صدر عنهم من رأي، أو مرّ عليهم من رواية، ولكن المؤلف يرفع مناهجه على مناهجهم، وهو بالطبيعة لا يريد غير هذه المظاهر التي خرج فيها كتاب "في الشعر الجاهلي". ومن أشد الحيف على الذين أوتوا العلم أن تجعل هذه المظاهر الهازلة خيراً مما صنعوا.
* أثر السياسة في اصطناع الشعر الجاهلي:
قال المؤلف في (ص ٦٧): "ومهما يكن من شيء، فإن هذا الفصل الطويل ينتهي بنا إلى نتيجة نعتقد أنها لا تقبل الشك، وهي أن العصبية، وما يتصل بها من المنافع السياسية قد كانت من أهم الأسباب التي حملت العرب على انتحال الشعر، وإضافته إلى الجاهليين، وقد رأيت أن القدماء قد سبقونا إلى هذه النتيجة".
عقد المؤلف الفصل في نحو عشرين صحيفة قضاها في الحديث عن أمر كتب فيه القدماء والمحدثون، وهو شأن العصبية في صدر الإسلام وعهد الأمويين وما كان من التهاجي بين بعض شعراء الأنصار وآخرين من قريش، والتوى في أثناء هذا الحديث إلى آراء قد عرفت مصدرها، وأخرى ناجتك