سعادة الأمة: أن تستنير عقولها، وتسمو أخلاقها، وتغتبط بالنظم التي تساس بها، وترضى عن طريق تطبيقها، وترتاح إلى تنفيذها، وتأمن أن تمتد يد غريبة إلى حق من حقوقها.
أما استنارة عقولها، فبإقامة معاهد كافية للتعليم؛ فإن الأمة التي تتألف من متعلمين وغير متعلمين، يصعب على قادتها، متى أرادوا توجيهها نحو الحياة الصالحة، أن يجدوها لينة القياد، خفيفة الخطأ، والتعليم الصحيح: ما يؤخذ فيه بأرقى النظم وأحكم الأساليب. وتلقِّي العلوم بأساليب غير مهذبة هو العلة في تباطؤ النهضة العلمية، وعدم انتظام طرق البحث والتفكير.
ولا سبيل إلى أن يغبط الشعب بنهضته العلمية، حتى يتربى نشؤه على أن يطلبوا العلم بداعي اجتلاء الحقائق، والحرص على أسمى الفضائل. ومما يقعد بهم عن مرتبة النبوغ والابتكار في العلوم: أن يجعلوا لطلب العلم غاية مادية، حتى إذا أدركوها، انقطعوا.
والتعليم الذي تؤمن عاقبته، وتزكو ثمرته: ما اهتدى فيه الطلاب إلى طريقة نقد الآراء وتمحيصها، حتى لا يقبلوا رأياً إلا أن يستبينوا رجحانه بدليل،
(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الأول من المجلد الثالث، الصادر في شهر جمادى الآخرة ١٣٤٩ هـ.