وقد رأينا رأي العين أن طائفة من أبنائنا قد انحرفوا عن طريق الرشد، ولو كانوا ممن يرد الآراء إلى قوانين البحث المعقولة، لاستقاموا على هدى الله، وما كانوا من المفتونين.
وأما سمو أخلاقها، فلتستقيم أعمالها، وتنتظم المعاملات بينها، والأعمال الخطيرة إنما تقوم على نحو الصبر والعزم والكرم والإقدام، والمعاملات الرابحة لا تدوم في تماسك وصفاء، إلا أن تكون محفوظة بنحو الصدق والأمانة والحلم، وسماحة النفس ورقة العاطفة، وهذا الوجه من وجوه السعادة ملقى في عهدة من يتولى أمر التربية؛ كالأمهات والآباء ورجال التعليم، ولا يكون في الأمهات والآباء والمعلمين كفاية لأن يخرج الطفل أو الفتى من بين أيديهم طاهر السريرة، مستقيم السيرة، حتى يكون التعليم الديني ضارباً بأشعته في جميع مدارسنا، أولية كانت أو عليا، واذا وصلت التربية الدينية إلى النفوس من طريقها الصحيح، فلا ترى منها إلا حياء وعفافاً، وصدقاً وأمانة، واستصغاراً للعظائم، وغيرة على الحقائق والمصالح، وما شئت بعد من عزة النفس وكبر الهمة. تلك خصال لا تثبت أصولها وتعلو فروعها إلا أن يتفيأ عليها ظلال الهداية ذات اليمين وذات الشمال.
وأما توافر وسائل الثروة، فلتكون مرافق الحياة بين يديها، والعيش ميسوراً لكل فرد من أفرادها، وما أبعد الأمة عن سعادة الحياة إذا أكثر فيها أولئك الذين يتكففون الناس في أيديهم، وأولئك الذين يترددون على المقاهي والنوادي في الصباح، كما يترددون عليها في المساء!.
من حقوق الأمة أن يهيئ لها ولاة أمورها الوسائل للأعمال العامة، وينظروا في ترقية الصناعة والزراعة والتجارة، وتوسيع دائرتها، يعنون بها من