الوجهة العلمية: بفتح مدارس لتلقي ما له اختصاص بهذه الأصول الاقتصادية من علوم وفنون، ويعنون بها من الوجهة العملية: لإنشاء مصانع، وتشجيع الزرل، وتدبير الوسائل لرواج البضائع الوطنية ما استطاعوا، وبمثل هذه المساعي تجد الأيدي العاطلة مجالاً للعمل، ولا تخرج أثمان ملابسنا وأمتعة منازلنا وسائر مرافق حياتنا عن حدود أوطاننا.
وليست تَبِعَةُ الحالة الاقتصادية ملقاة على عاتق أولي الأمر وحدهم، بل على الموسرين حظ من هذه التبعة عظيم؛ إذ في ميسورهم تأليف شركات تراعي في نظمها أصول الدين الحنيف، فتفيض بربح مبارك غزير، ويعيش من العمل بها خلق كثير.
أقمت في عاصمة ألمانيا وبعض مدنها وقراها زمناً غير قصير، فلم أر قط سائلًا سليم البنية، بل لم أر في تلك المدة متكففًا غير نفر قليل هم ما بين رجل مقطوع اليد أو الزجْل، أو عجوز بلغت من الكبر ما فتّ في عضدها، لم أر سليم البدن يتكفف؛ إذ لا يعدم سليم البدن أن يجد هنالك عملاً حيوياً إذا شاء، والتعليم - وهو هناك إلزامي - يقبح لصاحبه أن يقف موقف الاستجداء.
وكثير من أمراء الإسلام كانوا ينظرون الأمة برأفة، ويجتهدون في أن يخففوا عنها متاعب الحياة ما قدروا.
وهذا طاهر بن الحسين يقول في كتابه الذي بعث به إلى ابنه عبد الله حين ولاه المامون مصر والرقة وما بينهما: "وتعاهد ذوي الباساء ويتاماهم وأراملهم، واجعل لهم أرزاقاً من بيت المال، وانصب لمرضى المسلمين دورًا تؤويهم، وقوّاماً يرفقون بهم، وأطباء يعالجون أسقامهم، وأسعفهم بشهواتهم ما لم يؤد