للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضعفها عن تقويم أهوائهم كما قال تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: ٧].

وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} [البقرة: ٢٠٤ - ٢٠٥].

وقال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} [المنافقون: ٤].

ففي الجاهليين المجادلين ذكاء، وفيهم حذق في صناعة البيان، ولكنهم لم يتجاوزوا بهما ظاهرًا من هذه الحياة.

* منزلة الشعر الجاهلي:

قال المؤلف في (ص ٢٥): "أفتظن قوماً يجادلون في هذه الأشياء جدالاً يصفه القرآن بالقوة، ويشهد لأصحابه بالمهارة، أفتظن هؤلاء القوم من الجهل والغباوة والغلظة والخشونة بحيث يمثلهم لنا هذا الشعر الذي يضاف إلى الجاهليين؟! كلا! لم يكونوا جهالاً ولا أغبياء، ولا غلاظاً ولا أصحاب حياة خشنة جافية، وإنما كانوا أصحاب علم وذكاء، وأصحاب عواطف رقيقة، وعيش فيه لين ونعمة".

لولا أن الشعر الجاهلي من الذاع الذي يعترض القارئ في كل سبيل، لقلنا: إن المؤلف تصدى للبحث فيه، ولم يستمع إلى شيء منه سوى قطع ذات نسج مرذول، ومعان مرمية على قارعة الطريق، ولاغترفنا من موارده الصافية، وأدرنا على قراء هذه الصحائف كأساً دهاقاً.

في الشعر الجاهلي معان سامية، وحكمة صادقة، ومن يقرؤه خالي