وبلوغهم في نقد شعر مهلهل هذا المبلغ، يجعلنا على ظنّ من أن هذا المقدار الذي يرويه الثقات لمهلهل بعيد عن أن يكون من المحمول عليه.
* المتقدمون من الشعراء:
قال المؤلف في (ص ١٦١): "ويحسن أن نظهرك على شيء من شعر مهلهل؛ لترى كما نرى أنه لا يمكن أن يكون أقدم شعر قالته العرب".
وساق قصيدة:
أليلتنا بذي حُسم أنيري ... إذا أنت انقضيت فلا تحوري
ثم قال:"أليس يقع من نفسك موقع الدهش، أن يستقيم وزن هذا الشعر، وتطرد قافيته، وأن يلائم قواعد النحو وأساليب النظم، لا يشذ في شيء، ولا يظهر عليه شيء من أعراض القِدم، أو مما يدل على أن صاحبه هو أول من قصد القصيد، وطول الشعر؟ أليس يقع في نفسك هذا كله موقع الدهش، حين تلاحظ معه سهولة اللفظ ولينه، وإسفاف الشاعر فيه إلى حيث لا تشك أنه رجل من الذين لا يقدرون إلا على مبتذل اللفظ وسوقيه؟ ".
لا يعرف لإنشاء الكلام الموزون بداية، ولم يتفقوا في شاعر على أنه أقدم من نظم القصيد، وقد اختلفوا في أول من أطال الشعر، فادعت كل قبيلة لشاعرها أنه الأول:"ادعت اليمانية لامرئ القيس، وبنو أسد لعبيد ابن الأبرص، وتغلب لمهلهل، وبكر لعمرو بن قميئة، والمرقش الأكبر، وإياد لأبي دؤاد، وزعم بعضهم أن الأفوه الأودي أقدم من هؤلاء، وأنه أول من قصّد القصيد" هكذا يقول عمر بن شبة في "طبقات الشعراء"، ثم قال: "وهؤلاء النفر المدّعى لهم التقدم في الشعر يتقاربون. لعل أقدمهم لا يسبق