للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهجرة بمئة سنة أو نحوها". وإذا كانوا معترفين بأن أصل نظم الشعر سابق على هؤلاء بقرون، وكان الذي ادعي لمهلهل إنما هو إطالة الشعر، لم يكن من الموقع في دهشة أن يستقيم وزن ما يقوله مهلهل، وتطرد قافيته، وأن يلائم قواعد النحو وأساليب النظم، بل الذي يقع في نفوسنا موقع الدهش أن يطعن في نسبة شعر إلى عربي قحّ بأنه مستقيم الوزن، مطرد القافية، ملائم لقواعد النحو! ولم يصف المؤلف أعراض الشعر لعهد إطالته، حتى ننظر إلى هذه القصيدة المعزوّة إلى مهلهل كيف لم تقم بها هذه الأعراض.

يذهب المؤلف إلى زعم اصطناع القصيدة من ناحية سهولتها ولينها، وهو مدفوع بأنه لا يعرف مهلهلاً، ولم يثبت له شيئاً من الشعر صعباً خشناً، حتى يتبيّن أن هذا الشعر السهل اللين لم يكن من منظومه.

وأما ما رماها به من الإسفاف، فكلمة هو قائلها، والقصيدة لائقة بمقام شاعر بليغ، وهذا الأصمعي يقول: لو قال مهلهل مثل قوله: "أليلتنا بذي حسم أنيري" خمس قصائد، لكان أفحلهم.

* * *