لتزدان به قصصهم من ناحية، وليسيغها القراء والسامعون من ناحية أخرى، خدعت فريقاً من العلماء، فقبلوها على أنها صدرت عن العرب حقاً".
هذا ينظر إلى قول الأستاذ الرافعي في "تاريخ آداب العرب" (١): "فلما كثر القصّاصون وأهل الأخبار، اضطروا من أجل ذلك أن يضعوا الشعر لما يلفقونه من الأساطير، حتى يلائموا بين رقعتي الكلام، وليحدروا تلك الأساطير من أقرب الطرق إلى أفئدة العوام"، ولكن الأستاذ الرافعي لم يقل: خدعت فريقاً من العلماء، أو قبلوها على أنها عربية حقاً؛ فإن شأن أهل العلم ألا يقبلوها شعراً على أنه صادر عن العرب حقاً، إلا أن يأمنوا لروايته، ويملؤوا أيديهم من الوثوق بصحته، ولكنهم قد يقبلون شعراً، ويتناقلونه على أنه أضيف إلى العرب حقاً، لا على أنه صادر عنهم حقاً، وقد كان المؤلف يستشهد بقصص وشعر لم يرهما إلا في كتاب "الأغاني"، فهل قبل تلك القصص على أنها وقعت حقاً، وأن تلك الأشعار صدرت عن أربابها حقاً؟ لئن كان ذلك شأنه، فأقلّ ما يصفه به القراء: أنه من هذا الفريقال في ينخدع، ويقبل الشعر على أنه صادر من العرب حقاً.
* إنكار رواية ابن إسحاق للشعر:
ذكر المؤلف أن بعض العلماء فطنوا لما في هذا الشعر من تكلف، أو سخف وإسفاف، وفطنوا إلى أن بعضه يستحيل أن يكون قد صدر عمن ينسب إليهم، وعدّ في سلك هؤلاء العلماء: محمد بن سلام.
وقال في (ص ٩٨): "وآخرون غير ابن سلام أنكروا ما روى ابن إسحاق