إلى "وحدة سياسية مستقلة مقاومة للسياسة الأجنبية"؟.
ولعل المؤلف لا يجد في تاريخ العرب قبل الإسلام سوى أن لمكّة حرمة، وللغة قريش فضل فصاحة، فمن اعترف للسان قريش بسيادة في الجاهلية، وأراد أن يضع مبدأ لهذه السيادة، فليبحث عن منشأ تلك الحرمة، ثم ليبحث عن العصر الذي أخذت فيه لغة قريش زخرفها، فإن هو اهتدى إلى ذينك الأمرين سبيلاً، أمكنه تقدير زمن تلك السيادة تقديراً يتلقاه جهابذة التاريخ بارتياح.
* الاستشهاد بالشعر الجاهلي في القرآن والحديث:
قال المؤلف في (ص ٣٨): "ولندع هذه المسألة الفنية الدقيقة التي نعترف بأنها في حاجة إلى تفصيل وتحقيق أوسع وأشمل مما يسمح لنا به المقام في هذا الفصل إلى مسألة أخرى ليست أقل منها خطرًا، وإن كان أنصار القديم سيجدون شيئاً من العسر والمشقة؛ لأنهم لم يتعودوا هذه الريبة في البحث العلمي، وهي أناّ نلاحظ أن العلماء قد اتخذوا هذا الشعر الجاهلي مادة للاستشهاد على ألفاظ القرآن والحديث، ونحوهما، ومذاهبهما الكلامية. ومن الغريب أنهم لا يكادون يجدون في ذلك مشقة ولا عسراً، حتى إنك لتحس كان هذا الشعر الجاهلي إنما قدّ على قدّ القرآن والحديث؛ كما يقد الثوب على قدر لابسه، لا يزيد ولا ينقص عما أراد طولاً وسعة، إذن، فنحن نجهر بأن هذا ليس من طبيعة الأشياء، وأن هذه الدقة في الموازنة بين القرآن والحديث والشعر الجاهلي لا ينبغي أن تحمل على الاطمئنان إلا الذين رزقوا حظاً من السذاجة لم يتح لنا مثله. إنما يجب أن تحملنا هذه الدقة في الموازنة على الشك والحيرة، وعلى أن نسأل أنفسنا: أليس يمكن