للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نشاته، فذكر أن مبدأ تلك السيادة الحينُ الذي عظم فيه شأن قريش، وأخذت مكة تستحيل فيه إلى وحدة سياسية مستقلة مقاومة للسياسة الأجنبية التي كانت تتسلط على أطراف البلاد العربية.

متى أخذت قريش في نهضة عربية ترمي إلى مقاومة السياسة الأجنبية؟.

حدثنا التاريخ: أن أحد ملوك الحبشة باليمن خرج بجيش قبل البعثة النبوية بنحو أربعين سنة، وأقبل يشق البلاد العربية حتى نزل بالحرم ليهدم البيت الحرام، ولولا حماية الله، لأصبحت الكعبة خاوية على عروشها.

حدثنا التاريخ: أن حرباً وقعت بين الفرس وبعض القبائل العربية في صدر البعثة النبوية، وهي المسماة بيوم ذي قار، ولم نتلمح من خلال هذه الواقعة أو من ورائها صلة بين تلك القبائل، وهؤلاء القائمين بنهضة سياسية عربية.

فإن كان المؤلف لا يصدق بخبر هذا اليوم، فليأتنا بحديث أوثق منه سندًا يشهد بأن قريشاً قامت قبيل الإسلام بحركة ترمي إلى وحدة عربية سياسية.

لا نطالبه باثبات أن قريشاً دخلت، أو اشتركت في حرب مع أمة أجنبية، ولا نطالبه بإثبات أنها كانت تأتي إلى مثل "أولئك الذين قاموا يجادلون النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوة الجدال، والقدرة على الخصام، والشدة في المحاورة"، وترسل منهم وفودًا يطوفون في البلاد، ويعقدون بين القبائل وحدة سياسية عربية، بل نطالبه بأيسر من هذا كله، وهو أن هذه القبائل كانت تحج البيت الحرام في كل عام، ويتسابق شعراؤها وخطباؤها في حلبة البيان، فهل يستطيع أن يأتينا ببيت من قصيدة، أو فقرة من خطبة قام بها قرشي، أو غير قرشي، يدعو بها