كثيراً ما تجنبت الخوض في الحديث عن طبيعة العلاقة بين الإمام وبورقيبة؛ لأن هذه الأحاديث لا تقدم أو تؤخر في مكانة الإمام العلمية، وليس من فائدة ترجى من وراء إذاعتها ونشرها. وكثيراً ما أصر رجال الفكر والأدب -وخاصة في تونس- أن أقول ما عندي، وأخرج ما في جعبتي، فكنت أعتذر، وأصر على الاعتذار بما يزيد على إصرارهم.
من الواجب عليَّ أن التزم برغبة الإمام التي أعربَ عنها مرات ومرات أن لا تنشر مذكراته التي أعدها تحت عنوان:"مراحل الحياة" في ثلاثة أجزاء.
وعندما اقترح عليه بعض العلماء في القاهرة نشر هذه المذكرات قال لهم:"لقد فكرت في نشرها أو عدم نشرها، واستخرت الله، ووجدت أن نشرها يعتبر حديثاً عن النفس، وفيه تزكية لنفسي، وأنا لا أريد أن أزكي نفسي، وليستفد من شاء بما شاء من كتاباتي"(١)، ومذكراته - رحمه الله - تناول فيها الحديث عن رجال السياسة في عصره. سواء في تونس وسورية ومصر،
(١) انظر كتاب: "أحاديث في رحاب الأزهر "اللإمام محمد الخضر حسين، والذي أعددته عن نشاط الإمام العلمي في الأزهر - كلمة الدكتور زكي البري في احتفال بذكرى الإمام.