فإنه سيحيلكم على كتب تقول لبهم: إنه كان يشرب النبيذ، والفرق بين النبيذ والخمر معروف بين الفقهاء، والأدباء. ولعل المؤلف يدري هذا الفرق، واستبدل في عبارته النبيذ بالخمر؛ لأنه يعمل ليغير التاريخ، والعامل على تغيير التاريخ يسوغ له في منهج (ديكارت) أن يضع الكلمة بدل أخرى إذا كانت أوفى وأنهض بالغرض الذي يغير من أجله التاريخ!.
الخمر معروفة، وهي محرمة بالكتاب والسنّة والإجماع، والنبيذ ما يتخذ من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير، ولا يسكر إلا الكثير منه، وقد اختلف العلماء في المقدار الذي لا يسكر من النبيذ، وفتاوى أهل العراق فيه مشهورة، وفي القائلين بحرمته من لا يوجب فيه حداً، ولا يرى للمحتسب أن يؤدب على المجاهرة به.
ولسنا بصدد البحث عن النبيذ من وجهة نظر الشارع، فإن مسألته الخلافية مبسوطة بأدلتها وأقيستها في كتب الأصول والفروع، وإنما أريناكم أن المؤلف لا يبالي أن يخلع من عنقه طوق الأمانة، ويضع الخمر موضع النبيذ.
* إيجار الراوية نفسه للقبائل:
قال المؤلف في (ص ١٢٢): " و"أكبر الظن أنه كان يأجر نفسه للقبائل، يجمع لكل واحدة منها شعراً يضيفه إلى شعرائها. وليس هذا غريباً في تاريخ الأدب، فقد كان مثله كثيراً في تاريخ الأدب اليوناني والروماني".
يريد المؤلف أن نستبدل بتاريخ رجال الأدب أقيسة يركِّبها لنا على تاريخ اليونان والرومان! أبو عمرو الشيباني "يقول خصومه: إنه كان ثقة" (١).