للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدهاء في السياسة (١)

بدا لي أن تلقى في هذا الاحتفال كلمة، ولو على وجه الذكرى، وكان على المكتب أمامي أوراق مبعثرة، فمددت إليها يدي؛ لعلي أجد ما لا يكون في إلقائه على مسامعكم الزكية من بأس، فوقعت يدي على كلمة كنت جمعتها في حال اقتضى جمعها، ورأيتها الآن غير نابية عن هذا المقام، فتفضلوا بسماعها (٢):

الدهاء: جودة الرأي التي تمكن السياسي من أن يدير نظاماً، أو يكشف عن وجه قضية بأسلوب لطيف. فغير الداهية ينبذ إلى الباطل على سواء، فتكون الحرب بينهما سجالاً، والداهية ينصب له المكيدة، فيقع كما يقع الأسد في الزبية العميقة، ومن لم يكن داهية، لا يمشي إلى الغرض إلا على


(١) محاضرة ألقيت في نادي جمعية الهداية الإسلامية، ونشرت في مجلة "الهداية الإسلامية"- الجزء السادس من المجلد الخامس.
(٢) افتتح الإمام محاضرته قائلاً:
أيها السادة! كان في الحسبان أن يقوم بمحاضرة هذه الليلة فضيلة الأستاذ الشيخ عبد الرحيم ماسونتين مندوب جمعية التقدم الإسلامية الصينية، ووكيل مدرسة المعلمين الإسلامية في "بكين"-كما نشر في الصحف-، ولكن الأستاذ طرأ له عذر، فلم يتمكن من الحضور، وقد أرسل هذه الساعة معتذراً، ولم أستحسن أن ينعقد هذا الاحتفال العظيم، ثم يفترق على غير بحث علمي، أو تواصٍ بالحق.