هو ما تتضمنه من الأسماء المستحدثة، أو الأفكار التي لم يعتن القدماء ببثها، والأساليب الخاصة بفرد، أو بأهل عصر مما يرجع في تمييزه إلى الذوق، وليس في طوق أحد أن يضبط لك أسلوباً ابتدعه كاتب أو شاعر بقواعد يدونها، حتى يمكنك إذا عرفتها أن تجري في تاليفك على نمطه بدون أن تتردد على محرراته بالنظر الجيد، وتدع في حفظك شذوراً منها، بل صاحب الأسلوب نفسه ليس في طاعته سوى أن يتصور المعنى مجملاً أو مفصلاً، ثم يطلق عليه العبارة بمقدار ما تصوره به من الإجمال أو التفصيل، فإذا وجد في أمد التعبير حرجاً، وعدم التئام مع الذوق، شعر حينئذ بأنه ذهب في غير منهجه المألوف، ولا يسعه إلا التصرف في القول بنحو تبديل الترتيب حتى يرده إلى الأسلوب.
* طرق إختصارها:
من البين أن الألفاظ وضعت لتنقل المعاني القائمة بالذهن إلى أفهام السامعين، لا زينة في المنطق، وحلية للألسنة كيف حضرت، وهذا ما دعا الواضع أولاً إلى التقدير في وضعها، واعتباره بمقدار الحاجة إلى الإفهام، فإذا اتفق في اللفظ القصير كفاية وغنى في الدلالة على المراد، آثره في الوضع على ما هو أبسط منه؛ حتى لا تسمع في حديث مخاطبك الحكيم لاغية.
ثم إن عقول المخاطبين تتفاوت في الاستفادة من العبارات بالنظر إلى سرعتها في الإنتقال إلى المعاني وبطئها، ومن جهة قرب غايتها في الفهم وبعدها، وربَّ خطاب يلقى إلى الغبي، فيراه أبتر عن الفائدة، لا يشفي غليل المنتظر لتحصيلها، ويوجه إلى الألمعي، فيسام لبعض كلمات أو جمل تغنيه قوة الكلام وقرينة السياق عن ذكرها الصريح.
فاقتضى تمايز المخاطبين بالفطنة والغباوة أن لا يستمر البليغ في سائر