البيّنة، وقال فيما قصه الله عنهم:[ياصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} [هود: ٦٢]: كنا نرجو قبل هذه المقالة والدعوة أن يكون عقلك كاملاً، [أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} [هود: ٦٢]. وردَّ عليهم صالح في رفق ولطف، فقال:{يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ}[هود: ٦٣].
* آية نبوته:
دعا صالح - عليه السلام - قومه إلى الحق، فاقترحوا عليه أن يأتيهم بآية تدل على صدق دعوته، قال الله تعالى فيما يقصه عنهم:{فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[الشعراء: ١٥٤]، فكان له في الناقة التي آتاه الله آية ظاهرة، قال تعالى:{وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً}[الإسراء: ٥٩]؛ أي: آية بيّنه، وقال:{قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ}[الأعراف: ٧٣].
أما وجه المعجزة فيها، فلم يصرح به القرآن الكريم إلا ما جاء من قوله تعالى:{وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ}[القمر: ٢٨]. وقوله تعالى:{لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[الشعراء: ١٥٥]. وروى أحمد، والحاكم عن جابر، قال: لما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحِجْر، قال:"لا تسألوا الآيات؛ فقد سألها قوم صالح، وكانت الناقة ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم، وكانت تشرب ماءهم يوماً، ويشربون لبنها يوماً، فعقروها، فأخذتهم صيحة أهمد الله منْ تحت أديم السماء منهم"(١).