للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودلَّ القرآن الكريم أن من قوم صالح من قبلوا دعوته، وآمنوا بما جاء به، يؤخذ هذا من قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [الأعراف: ٧٥].

واتفق رأي ثمود بعدُ على عقر الناقة، وكان صالح ينذرهم أن يتعرضوا لها: {وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأعراف: ٧٣] فعقروها, {وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف: ٧٧]، فقال لهم صالح - عليه السلام - {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود: ٦٥]. ولما أمسوا، هموا بقتله كما أخبر الله تعالى في قوله: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (٤٨) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} [النمل: ٤٨ - ٤٩]؛ أي: لنكبسنه في داره مع أهله ليلاً، ونقتله، {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [النمل: ٤٩].

ولما انتهت الأيام الثلاثة، جاءتهم صيحة من فوقهم، ورجفة شديدة من تحتهم، فأصبحوا في دارهم جاثمين، قال تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا} [الشمس: ١٤] (١). وقال تعالى: {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [فصلت: ١٧]. وقال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا


(١) أطبق عليهم العذاب، كما يقال: دمدم عليه القبر؛ أي: أطبقه عليه، وقيل: الدمدمة: إهلاك في استئصال.