العلم وحصافة العقل، أما الثروة والجاه، فلا يدخلان في حقيقتها، ولو أتياها على منهج (ديكارت)، وطرق لهما (مرغليوث) أبوابها باليمين والشمال.
* ليس في القرآن ما يخالف العلم الصحيح:
قال المؤلف في (ص ٢٠): "والقرآن يحدثنا عن جفوة الأعراب وغلظتهم، وإمعانهم في الكفر والنفاق، وقلة حظهم من العاطفة الرقيقة التي تحمل على الإيمان والتدين. أليس هو الذي يقول:{الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}[التوبة: ٩٧]؟ ".
يشير المؤلف في هذه الفقرة إلى المكيدة التي نصبها رهطه لهدم الإيمان وشرائع الإسلام؛ حيث يزعمون أن الإيمان والدين تتلقاه العواطف، وأن العلم تتناوله العقول، ويقولون دون أن تحمر وجوههم خجلًا: إن الواحد منهم يحمل اعتقادين متناقضين: أحدهما ديني تعتنقه العاطفة. وثانيهما علمي ينضوي تحت لواء العقل، يقولون هذا وهم لا يريدون إلا جحود حقائق الدين ومحو أثره من النفوس جملة.
ألا إن الدين الذي يخاطب العقل، ويدعو خصومه إلى تحكيم العقل والعلم، ويرفع شأن العقل والعلم، لا يقبل ذلك التأويل في حال، ولا ترضى عقائده وأحكامه وآدابه إلا أن تأخذ أرسخ مكانة في العقل. اقرؤوا إن شئتم قوله تعالى:[فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ][الحشر: ٢].