لم يدخل المسلمون في قتال بحري إلى عهد عثمان بن عفان - صلى الله عليه وسلم -، وكان أول من ركب البحر فاتحاً: معاوية بن أبي سفيان، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته بما يقوم به المسلمون من فتوح على طريق البحر. نام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في بيت أم حرام بنت ملحان، وهي تحت عبادة بن الصامت، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال:"ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر، ملوك على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة"، فقلت: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال:"ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله" نحو ما قال في الأول، قالت: فقلت: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم! قال: "أنت في الأولين".
وقد أجاب الله دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لها، وعلم أن دعاءه قد استجيب، فقال لها:"أنت في الأولين"، وركبت أم حرام البحر مع زوجها عبادة بن الصامت في زمن معاوية لفتح "قبرص"، ولما خرجوا من البحر، صرعت عن دابتها، وتوفيت ودفنت هناك. وقيل: صرعت بعد عودتها إلى الشام.
وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ملوك على الأسرة" مبالغة في فضل المحاربين في البحر، وترغيب في صرف الهمة إلى المهارة في ركويه، وإنشاء أساطيل تكف أيدي الأعداء الممتدة من وراء البحار.
وأنشأ أمراء الإِسلام من بعدُ أساطيل، واتخذوا لها مصانع، كما اتخذ حسان بن النعمان عامل أفريقية بإيعاز من عبد الملك بن مروان دار صناعة